صفحة جزء
قوله تعالى : وإذ زين لهم الشيطان . الآيتين .

أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم قال : قريش يوم بدر .

وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء إبليس في جند من الشياطين ومعه راية في صورة رجال من بني مدلج والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال الشيطان :

لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم وأقبل جبريل على إبليس وكانت يده في يد رجل من المشركين، فلما رأى جبريل انتزع إبليس يده وولى مدبرا هو وشيعته فقال الرجل : يا سراقة إنك جار لنا فقال : إني أرى ما لا ترون وذلك حين [ ص: 145 ] رأى الملائكة : إني أخاف الله والله شديد العقاب قال : ولما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين، وقلل الله المشركين في أعين المسلمين، فقال المشركون : وما هؤلاء : غر هؤلاء دينهم .

وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم، وظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في ذلك فقال الله : ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم .

وأخرج الواقدي، وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما تواقف الناس أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم كشف عنه فبشر الناس بجبريل عليه السلام في جند من الملائكة ميمنة الناس وميكائيل في جند آخر ميسرة وإسرافيل في جند آخر بألف وإبليس قد تصور في صورة سراقة بن جعشم المدلجي يذمر المشركين ويخبرهم أنه لا غالب لهم اليوم من الناس فلما أبصر عدو الله الملائكة : نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون فتشبث به الحارث بن هشام وهو يرى أنه سراقة؛ لما سمع من كلامه فضرب في صدر الحارث فسقط الحارث وانطلق إبليس لا يرى حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال : يا رب موعدك الذي وعدتني .

[ ص: 146 ] وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الدلائل عن رفاعة بن رافع الأنصاري قال : لما رأى إبليس ما تفعل الملائكة بالمشركين يوم بدر أشفق أن يخلص القتل إليه فتشبث به الحارث بن هشام وهو يظن أنه سراقة بن مالك، فوكز في صدر الحارث فألقاه، ثم خرج هاربا حتى ألقى نفسه في البحر فرفع يديه فقال : اللهم إني أسألك نظرتك إياي .

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة : سيهزم الجمع ويولون الدبر [القمر : 45] فقال عمر بن الخطاب : يا رسول الله أي جمع؟ وذلك قبل بدر، فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر وكانت ليوم بدر فأنزل الله فيهم : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب الآية [المؤمنون : 64]، وأنزل الله : ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا الآية [إبراهيم : 28 ]، ورماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوسعتهم الرمية وملأت أعينهم وأفواههم حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه وفاه فأنزل الله : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى [الأنفال : 17] وأنزل الله في إبليس : فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون وقال عتبة بن ربيعة وناس معه [ ص: 147 ] من المشركين يوم بدر : غر هؤلاء دينهم فأنزل الله : إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم .

وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله : إني أرى ما لا ترون قال : رأى جبريل معتجرا بردائه يقود الفرس بين يدي أصحابه ما ركبه .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : إني أرى ما لا ترون قال : ذكر لنا أنه رأى جبريل تنزل معه الملائكة، فعلم عدو الله أنه لا يدان له بالملائكة وقال : إني أخاف الله وكذب عدو الله ما به مخافة الله ولكن علم أن لا قوة له به ولا منعة له .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر عن معمر قال : ذكروا أنهم أقبلوا على سراقة بن مالك بعد ذلك فأنكر أن يكون قال شيئا من ذلك .

وأخرج ابن إسحاق ، وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال : كان الذي رآه نكص حين نكص الحارث بن هشام أو عمير بن وهب الجمحي .

[ ص: 148 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : إذ يقول المنافقون قال : وهم يومئذ في المسلمين .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر فسموا منافقين .

وأخرج عبد الرزاق ، وابن المنذر عن الكلبي قال : هم قوم كانوا أقروا بالإسلام وهم بمكة ثم خرجوا مع المشركين يوم بدر، فلما رأوا المسلمين قالوا : غر هؤلاء دينهم .

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن الشعبي في الآية قال : كان أناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام فخرجوا مع المشركين يوم بدر فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : غر هؤلاء دينهم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن إسحاق في قوله : إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض قال : هم الفتية الذين خرجوا مع قريش احتبسهم آباؤهم فخرجوا وهم على الارتياب، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : غر هؤلاء دينهم حين قدموا على ما قدموا عليه من قلة [ ص: 149 ] عددهم وكثرة عدوهم، وهم فتية من قريش مسمون خمسة : قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان والحارث بن زمعة وعلي بن أمية بن خلف والعاصي بن منبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية