ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون قرئ: "ألم تر" ساكنة الراء، كما قرئ: "من يتق"، وفيه ضعف،
ضرب الله مثلا : اعتمد مثلا ووضعه، و
كلمة طيبة : نصب بمضمر، أي: جعل كلمة طيبة،
كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله:
ضرب الله مثلا ; كقولك: شرف الأمير زيدا: كساه حلة، وحمله على فرس، ويجوز أن ينتصب "مثلا"، و "كلمة": بضرب، أي: ضرب كلمة طيبة مثلا، بمعنى: جعلها مثلا ثم قال: "كشجرة طيبة" على أنها خبر مبتدأ محذوف، بمعنى هي كشجرة طيبة،
أصلها ثابت : يعني: في الأرض ضارب بعروقه فيها،
وفرعها : وأعلاها ورأسها،
في السماء ، ويجوز أن يريد: وفروعها، على الاكتفاء بلفظ الجنس، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : "كشجرة طيبة ثابت أصلها" .
فإن قلت: أي فرق بين القراءتين ؟ قلت: قراءة الجماعة أقوى معنى; لأن في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أجريت الصفة على الشجرة، وإذا قلت: مررت برجل أبوه قائم، فهو أقوى معنى من قولك: مررت برجل قائم أبوه; لأن المخبر عنه إنما هو الأب لا رجل، والكلمة الطيبة: كلمة التوحيد، وقيل: كل كلمة حسنة كالتسبيحة والتحميدة والاستغفار والتوبة والدعوة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : شهادة أن
[ ص: 378 ] لا إله إلا الله، وأما الشجرة فكل شجرة مثمرة طيبة الثمار، كالنخلة، وشجرة التين، والعنب، والرمان، وغير ذلك،
nindex.php?page=hadith&LINKID=665163وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذات يوم:"إن الله ضرب مثل المؤمن شجرة فأخبروني ما هي"، فوقع الناس في شجر البوادي، وكنت صبيا، فوقع في قلبي أنها النخلة، فهبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقولها وأنا أصغر القوم، وروي: فمنعني مكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر واستحييت، فقال لي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : يا بني لو كنت قلتها لكانت أحب إلي من حمر النعم، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إنها النخلة".
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما-: شجرة في الجنة، وقوله: "في السماء": معناه: في جهة العلو والصعود، ولم يرد المظلة، كقولك في الجبل: طويل في السماء: تريد ارتفاعه وشموخه،
تؤتي أكلها كل حين : تعطي ثمرها كل وقت وقته الله لإثمارها،
بإذن ربها : بتيسير خالقها وتكوينه،
لعلهم يتذكرون ; لأن في ضرب الأمثال زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني.