قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال [ ص: 381 ] المقول محذوف، لأن جواب "قل" يدل عليه، وتقديره:
قل لعبادي الذين آمنوا أقيموا الصلاة وأنفقوا،
يقيموا الصلاة وينفقوا : وجوزوا أن يكون يقيموا وينفقوا، بمعنى: ليقيموا ولينفقوا، ويكون هذا هو المقول، قالوا: وإنما جاز حذف اللام، لأن الأمر الذي هو "قل": عوض منه، ولو قيل: يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام، لم يجز.
فإن قلت: علام انتصب "سرا وعلانية" ؟
قلت: على الحال، أي: ذوي سر وعلانية، بمعنى: مسرين ومعلنين، أو على الظرف، أي: وقتي سر وعلانية، أو على المصدر، أي: إنفاق سر وإنفاق علانية، المعنى: إخفاء المتطوع به من الصدقات والإعلان بالواجب: والخلال: المخالة.
فإن قلت: كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه:
لا بيع فيه ولا خلال ؟
قلت: من قبل أن الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات، فيعطون بدلا ليأخذوا مثله، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيرا منها، وأما الإنفاق لوجه الله خالصا; كقوله تعالى:
وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى [الليل: 19 - 20] فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص، فبعثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال، أي: لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالة، ولا بما ينفقون به أموالهم من المعاوضات والمكارمات، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله، وقرئ: "لا بيع فيه ولا خلال" بالرفع.