ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم
وانتصاب "الكذب": بلا تقولوا، على: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة في قولكم:
ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا [الأنعام: 139]، من غير استناد ذلك الوصف إلى وحي من الله أو إلى قياس مستند إليه، واللام مثلها في قولك: ولا تقولوا لما أحل الله هو حرام، وقوله:
هذا حلال وهذا حرام : بدل من الكذب، ويجوز أن يتعلق بـ"تصف" على إرادة القول، أي: ولا تقولوا الكذب لما تصفه ألسنتكم، فتقول هذا حلال وهذا حرام، ولك أن تنصب الكذب بـ"تصف"، وتجعل "ما": مصدرية، وتعلق "هذا حلال وهذا حرام" بلا تقولوا: على ولا تقولوا هذا حلال وهذا حرام لوصف ألسنتكم الكذب، أي: لا تحرموا ولا تحللوا لأجل قول تنطق به ألسنتكم ويجول في أفواهكم، لا لأجل حجة وبينة، ولكن قول ساذج ودعوى فارغة.
فإن قلت: ما معنى وصف ألسنتهم الكذب ؟
قلت: هو من فصيح الكلام وبليغه، جعل قولهم كأنه عين الكذب ومحضه، فإذا نطقت به ألسنتهم، فقد حلت الكذب بحليته وصورته بصورته، كقولهم: وجهها يصف الجمال، وعينها تصف السحر، وقرئ : "الكذب" بالجر صفة لـ"ما" المصدرية، كأنه قيل: لوصفها الكذب، بمعنى: الكاذب، كقوله تعالى:
بدم كذب ، والمراد بالوصف: وصفها البهائم بالحل والحرمة، وقرئ : "الكذب": جمع كذوب بالرفع، صفة للألسنة، وبالنصب على الشتم، أو بمعنى: الكلم الكواذب، أو هو جمع الكذاب من قولك: كذب كذابا، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني ، واللام في "لتفتروا": من التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض،
متاع قليل : خبر مبتدأ محذوف، أي: منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم.