قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا
قرئ " وهن " : بالحركات الثلاث ؛ وإنما ذكر العظم لأنه عمود البدن وبه قوامه وهو
[ ص: 6 ] أصل بنائه ، فإذا وهن تداعى وتساقطت قوته ؛ ولأنه أشد ما فيه وأصلبه ، فإذا وهن كان ما وراءه أوهن ، ووحده ؛ لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية ، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن ، ولو جمع لكان قصدا إلى معنى آخر ، وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها ، إدغام السين في الشين عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو ، شبه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته وانتشاره في الشعر وفشوه فيه وأخذه منه كل مأخذ ، باشتعال النار ، ثم أخرجه مخرج الاستعارة ، ثم أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته ، وهو الرأس ، وأخرج الشيب مميزا ولم يضف الرأس : اكتفاء بعلم المخاطب أنه رأس
زكريا ؛ فمن ثم فصحت هذه الجملة وشهد لها بالبلاغة ، توسل إلى الله بما سلف له من الاستجابة ، وعن بعضهم أن محتاجا سأله وقال : أنا الذي أحسنت إلي وقت كذا ، فقال : مرحبا بمن توسل بنا إلينا ، وقضى حاجته .