ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا "ويزيد " : معطوف على موضع فليمدد ؛ لأنه واقع موقع الخبر ، تقديره : من كان في الضلالة مد أو يمد له الرحمن ، ويزيد : أي يزيد في ضلال الضال بخذلانه ، ويزيد المهتدين هداية بتوفيقه ،
والباقيات الصالحات : أعمال الآخرة كلها ، وقيل : الصلوات ، وقيل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، أي هي
خير ثوابا : من مفاخرات الكفار ،
وخير مردا أي : مرجعا وعاقبة ، أو منفعة ، من قولهم : ليس لهذا الأمر مرد :
وهل يرد بكاي زندا
[ ص: 50 ] فإن قلت : كيف قيل خير ثوابا كأن لمفاخراتهم ثوابا ، حتى يجعل ثواب الصالحات خيرا منه ؟ قلت : كأنه قيل : ثوابهم النار ؛ على طريقة قوله [من الطويل ] :
فأعتبوا بالصيلم
وقوله [من الكامل ] :
شجعاء جرتها الذميل تلوكه أصلا إذا راح المطي عراثا
وقوله [من الوافر ] :
تحية بينهم ضرب وجيع
ثم بني عليه خير ثوابا ، وفيه ضرب من التهكم الذي هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له : عقابك النار .
فإن قلت : فما وجه التفضيل في الخير كأن لمفاخرهم شركا فيه ؟
قلت : هذا من وجيز كلامهم ، يقولون : الصيف أحر من الشتاء ، أي : أبلغ من الشتاء في برده .