وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا
قرئ : "إدا " : بالكسر والفتح ، قال
ابن خالويه : الإد والأد : العجب ، وقيل : العظيم المنكر ، والإدة : الشدة ، وأدني الأمر وآدني : أثقلني وعظم علي إدا ، " يكاد " : قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع بالياء ، وقرئ : "ينفطرن " : الانفطار من فطره إذا شقه ، والتفطر : من فطره إذا شققه ، وكرر الفعل فيه ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "ينصدعن " ، أي : تهد هدا ، أو مهدودة ، أو مفعول له ، أي : لأنها تهد .
فإن قلت : ما معنى انفطار السماوات وانشقاق الأرض وخرور الجبال ؟ ومن أين تؤثر هذه الكلمة في الجمادات ؟
قلت : فيه وجهان .
[ ص: 58 ] أحدهما : أن الله سبحانه يقول : كدت أفعل هذا بالسماوات والأرض والجبال عند وجود هذه الكلمة غضبا مني على من تفوه بها ، لولا حلمي ووقاري ، وأني لا أعجل بالعقوبة كما قال :
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا [فاطر : 41 ] .
والثاني : أن يكون استعظاما للكلمة ، وتهويلا من فظاعتها ، وتصويرا لأثرها في الدين وهدمها لأركانه وقواعده ، وأن مثال ذلك الأثر في المحسوسات : أن يصيب هذه الأجرام العظيمة التي هي قوام العالم ما تنفطر منه وتنشق وتخر ، وفي قوله :
لقد جئتمونا ، وما فيه من المخاطبة بعد الغيبة ، وهو الذي يسمى الالتفات في علم البلاغة زيادة تسجيل عليهم بالجرأة على الله ، والتعرض لسخطه ، وتنبيه على عظم ما قالوا ، في
أن دعوا : ثلاثة أوجه : أن يكون مجرورا بدلا من الهاء في منه ، كقوله [من الطويل ] :
على حالة لو أن في القوم حاتما على جوده لضن بالماء حاتم
ومنصوبا بتقدير سقوط اللام وإفضاء الفعل ، أي : هذا لأن دعوا ، علل الخرور بالهد ، والهد بدعاء الولد للرحمن ، ومرفوعا بأنه فاعل هدا ، أي : هدها دعاء الولد للرحمن ، وفي اختصاص الرحمن وتكريره مرات من الفائدة أنه هو الرحمن وحده ، لا يستحق هذا الاسم غيره . من قبل أن أصول النعم وفروعها منه : خلق العالمين ، وخلق لهم جميع ما معهم ؛ كما قال بعضهم : فلينكشف عن بصرك غطاؤه ، فأنت وجميع ما عندك عطاؤه ، فمن أضاف إليه ولدا ، فقد جعله كبعض خلقه وأخرجه بذلك عن استحقاق اسم الرحمن ، هو من دعا بمعنى سمي المتعدي إلى مفعولين ، فاقتصر على أحدهما الذي هو الثاني ؛ طلبا للعموم والإحاطة بكل ما دعا له ولدا ، أو من دعا بمعنى : نسب ، الذي مطاوعه ما في قوله
[ ص: 59 ] -عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=75643 "من ادعى إلى غير مواليه " ؛ وقول الشاعر [من البسيط ] :
إنا بني نهشل لا ندعي لأب
أي : لا ننتسب إليه .