وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى
قفاه بقصة
موسى -عليه السلام- ليتأسى به في تحمل أعباء النبوة وتكاليف الرسالة والصبر على مقاساة الشدائد ؛ حتى ينال عند الله الفوز والمقام المحمود ، يجوز أن ينتصب : " إذ" ظرفا للحديث ؛ لأنه حدث ، أو لمضمر ، أي : حين
"رأى نارا " : كان كيت وكيت ، أو مفعولا لاذكر استأذن
موسى شعيبا -عليهما السلام- في الخروج إلى أمه
[ ص: 69 ] وخرج بأهله ، فولد له في الطريق ابن في ليلة شاتية مظلمة مثلجة ، وقد ضل الطريق وتفرقت ماشيته وماء عنده ، وقدح فصلد زنده ، فرأى النار عند ذلك ، قيل : كانت ليلة جمعة ،
"امكثوا " : أقيموا في مكانكم ، الإيناس : الإبصار البين الذي لا شبهة فيه ، ومنه إنسان العين ؛ لأنه يتبين به الشيء ، والإنس : لظهورهم ، كما قيل : الجن لاستتارهم ، وقيل : هو إبصار ما يؤنس به ؛ لما وجد منه الإيناس فكان مقطوعا متيقنا ، حققه لهم بكلمة : "إن" ليوطن أنفسهم ، ولما كان الإتيان بالقبس ووجود الهدى مترقبين متوقعين ، بني الأمر فيهما على الرجاء والطمع وقال
"لعلي" ولم يقطع فيقول : إني
"آتيكم" لئلا يعد ما ليس بمستيقن الوفاء به ، القبس : النار المقتبسة في رأس عود أو فتيلة أو غيرهما ، ومنه قيل : المقبسة ، لما يقتبس فيه من سعفة أو نحوها ،
"هدى" أي : قوما يهدونني الطريق أو ينفعونني بهداهم في أبواب الدين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ؛ وذلك لأن أفكار الأبرار مغمورة بالهمة الدينية في جميع أحوالهم لا يشغلهم عنها شاغل ، والمعنى : ذوي هدى ، أو إذا وجد الهداة فقد وجد الهدى ، ومعنى الاستعلاء في :
على النار : أن أهل النار يستعلون المكان القريب منها ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه في مررت بزيد : إنه لصوق يقرب من زيد ، أو لأن المصطلين بها والمستمتعين بها إذا تكنفوها قياما وقعودا كانوا مشرفين عليها ؛ ومنه قول
الأعشى [من الطويل ] :
وبات على النار الندى والمحلق