[ ص: 76 ] قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى
لما رأى ذلك الأمر العجيب الهائل ، ملكه من الفزع والنفار ما يملك البشر عند الأهوال والمخاوف ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : انقلبت ثعبانا ذكرا يبتلع الصخر والشجر ، فلما رآه يبتلع كل شيء خاف ونفر ، وعن بعضهم : إنما خافها ؛ لأنه عرف ما لقي
آدم منها ، وقيل : لما قال له ربه : " لا تخف " : بلغ من ذهاب خوفه وطمأنينة نفسه أن أدخل يده في فمها وأخذ بلحييها ، السيرة من السير : كالركبة من الركوب ، يقال : سار فلان سيرة حسنة ، ثم اتسع فيها فنقلت إلى معنى المذهب والطريقة ، وقيل : سير الأولين ، فيجوز أن ينتصب على الظرف ، أي : سنعيدها في طريقتها الأولى ، أي : في حال ما كانت عصا ، وأن يكون "أعاد " : منقولا من "عاده " ، بمعنى : عاد إليه ، ومنه بيت زهير [من الوافر ] :
وعادك أن تلاقيها عداء
فيتعدى إلى مفعولين ، ووجه ثالث حسن : وهو أن يكون :
"سنعيدها " : مستقلا بنفسه غير متعلق بسيرتها ، بمعنى : أنها أنشئت أول ما أنشئت عصا ، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية ، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أولا ، ونصب سيرتها بفعل مضمر ، أي : تسير سيرتها الأولى ، يعني : سنعيدها سائرة سيرتها الأولى ؛ حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها .