اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى
الونى : الفتور والتقصير ، وقرئ : "تنيا " : بكسر حرف المضارعة للإتباع ، أي : لا تنسياني ولا أزال منكما على ذكر حيثما تقلبتما ، واتخذا ذكري جناحا تصيران به مستمدين بذلك العون والتأييد مني ، معتقدين أن أمرا من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكري ، ويجوز
[ ص: 84 ] أن يريد بالذكر : تبليغ الرسالة ؛ فإن الذكر يقع على سائر العبادات ، وتبليغ الرسالة من أجلها وأعظمها ، فكان جديرا بأن يطلق عليه اسم الذكر ، روي : أن الله تعالى- أوحى إلى
هارون وهو
بمصر أن يتلقى
موسى ، وقيل : سمع بمقبله . وقيل : ألهم ذلك ، قرئ : "لينا " : بالتخفيف والقول اللين ؛ نحو قوله تعالى :
هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى [النازعات : 18 19 ] ، لأن ظاهره الاستفهام والمشورة ، وعرض ما فيه الفوز العظيم ، وقيل : عداه شبابا لا يهرم بعده ، وملكا لا ينزع منه إلا بالموت ، وأن تبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته ، وقيل : لا تجبهاه بما يكره ، وألطفا له في القول ؛ لما له من حق تربية
موسى ، ولما ثبت له من مثل حق الأبوة ، وقيل : كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث :
أبو العباس ،
وأبو الوليد ،
وأبو مرة ، والترجي لهما ، أي : اذهبا على رجائكما وطمعكما ، وباشرا الأمر مباشرة من يرجو ويطمع أن يثمر عمله ولا يخيب سعيه ، فهو يجتهد بطوقه ، ويحتشد بأقصى وسعه ، وجدوى إرسالهما إليه مع العلم بأنه لن يؤمن إلزام الحجة وقطع المعذرة ،
ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك [القصص : 47 ] ، أي : يتذكر ويتأمل فيبذل النصفة من نفسه والإذعان للحق ،
"أو يخشى " : أن يكون الأمر كما تصفان ، فيجره إنكاره إلى الهلكة .