فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى
"طفق يفعل كذا" مثل : جعل يفعل ، وأخذ ، وأنشأ ، وحكمها حكم كاد في وقوع الخبر فعلا مضارعا ، وبينها وبينه مسافة قصيرة ، هي : للشروع في أول الأمر ، وكاد لمشارفته والدنو منه ، قرئ : "يخصفان " : للتكثير والتكرير ، من خصف النعل وهو أن يخرز عليها الخصاف ، أي : يلزقان الورق بسوآتهما للتستر وهو ورق التين ، وقيل : كان مدورا ، فصار على هذا الشكل من تحت أصابعهما ، وقيل : كان لباسهما الظفر ، فلما أصابا الخطيئة ، نزع عنهما وتركت هذه البقايا في أطراف الأصابع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا شبهة في أن
آدم لم يمتثل ما رسم الله له ، وتخطى فيه ساحة الطاعة ، وذلك هو العصيان ، ولما عصى خرج فعله من أن يكون رشدا وخيرا ، فكان غيا لا محالة ؛ لأن الغي خلاف الرشد ، ولكن قوله :
وعصى آدم ربه فغوى : بهذا الإطلاق وبهذا التصريح ، وحيث لم يقل : وزل
آدم وأخطأ وما أشبه ذلك ، مما يعبر به عن الزلات والفرطات : فيه لطف بالمكلفين ومزجرة بليغة وموعظة كافة ، وكأنه قيل لهم : انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي المعصوم حبيب الله الذي لا يجوز عليه إلا اقتراف الصغيرة غير المنفرة زلته بهذه الغلطة بهذا اللفظ الشنيع ، فلا تتهاونوا بما يفرط منكم من السيئات والصغائر ، فضلا أن تجسروا على التورط في الكبائر ، وعن بعضهم : "فغوى " : فبشم من كثرة الأكل ، وهذا -وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسورة ما قبلها ألفا فيقول في "فني ، وبقي " : "فنا ، وبقا " ، وهم
بنو طي ؛ تفسير خبيث .