[ ص: 487 ] لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم لا إكراه في الدين أي: لم يجر الله أمر الإيمان على الإجبار والقسر، ولكن على التمكين والاختيار، ونحوه قوله تعالى:
ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين [يونس: 99] أي: لو شاء لقسرهم على الإيمان ولكنه لم يفعل، وبني الأمر على الاختيار.
قد تبين الرشد من الغي : قد تميز الإيمان من الكفر بالدلائل الواضحة:
فمن يكفر بالطاغوت : فمن اختار الكفر بالشيطان أو الأصنام والإيمان بالله
فقد استمسك بالعروة الوثقى : من الحبل الوثيق المحكم، المأمون انفصامها، أي: انقطاعها، وهذا تمثيل للمعلوم بالنظر، والاستدلال بالمشاهد المحسوس، حتى يتصوره السامع كأنه ينظر إليه بعينه، فيحكم اعتقاده والتيقن به، وقيل: هو إخبار في معنى النهي، أي: لا تتكرهوا في الدين، ثم قال بعضهم: هو منسوخ بقوله:
جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم [التوبة: 73] وقيل: هو في أهل الكتاب خاصة; لأنهم حصنوا أنفسهم بأداء الجزية.
وروي:
أنه كان لأنصاري من بني سالم بن عوف ابنان، فتنصرا قبل أن يبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قدما المدينة، فلزمهما أبوهما، وقال: والله لا أدعكما حتى تسلما، فأبيا، فاختصموا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال الأنصاري: يا رسول الله، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فنزلت: فخلاهما.