وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون "كل " : التنوين فيه : عوض من المضاف إليه ، أي : كلهم ،
في فلك يسبحون : والضمير للشمس والقمر ، والمراد بهما : جنس الطوالع كل يوم وليلة ؛ جعلوها متكاثرة لتكاثر مطالعها ، وهو السبب في جمعهما بالشموس والأقمار ، وإلا فالشمس واحدة والقمر واحد ؛ وإنما جعل الضمير واو العقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة .
فإن قلت : الجملة ما محلها ؟
قلت : محلها : النصب على الحال من الشمس والقمر .
فإن قلت : كيف استبد بهما دون الليل والنهار بنصب الحال عنهما ؟
قلت : كما تقول : رأيت زيدا وهندا متبرجة ونحو ذلك ، إذا جئت بصفة يختص بها بعض ما تعلق به العامل ، ومنه قوله تعالى في هذه السورة :
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة [الأنبياء : 72 ] ، أو لا محل لها لاستئنافها .
فإن قلت : لكل واحد من القمرين فلك على حدة ، فكيف قيل : جميعهم يسبحون في فلك ؟
قلت : هذا كقولهم : "كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفا " ، أي : كل واحد منهم ، أو كساهم وقلدهم هذين الجنسين ، فاكتفى بما يدل على الجنس اختصارا ؛ ولأن الغرض الدلالة على الجنس .