فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين
آذن : منقول من أذن إذا علم ؛ ولكنه كثر استعماله في الجري مجرى الإنذار ؛ ومنه قوله تعالى :
فأذنوا بحرب من الله ورسوله [البقرة : 279 ] ، وقول
ابن حلزة [من الخفيف ] :
آذنتنا ببينها أسماء
والمعنى : أني بعد توليكم وإعراضكم عن قبول ما عرض عليكم من وجوب
[ ص: 171 ] توحيد الله وتنزيهه عن الأنداد والشركاء ، كرجل بينه وبين أعدائه هدنة فأحس منهم بغدرة ، فنبذ إليهم العهد ، وشهر النبذ وأشاعه وآذنهم جميعا بذلك ،
على سواء أي : مستوين في الإعلام به ، لم يطوه عن أحد منهم وكاشف كلهم ، وقشر العصا عن لحائها ، و
ما توعدون ـه من غلبة المسلمين عليكم كائن لا محالة ، ولا بد من أن يلحقكم بذلك الذلة والصغار ، وإن كنت لا أدري متى يكون ذلك ؛ لأن الله لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه ، والله عالم لا يخفى عليه ما تجاهرون به من كلام الطعانين في الإسلام ، و"تكتمون" في صدوركم من الإحن والأحقاد للمسلمين ، وهو يجازيكم عليه ، وما أدري لعل تأخير هذا الموعد امتحان لكم لينظر كيف تعلمون ، أو تمتيع لكم
"إلى حين " : ليكون ذلك حجة عليكم ؛ وليقع الموعد في وقت هو فيه حكمة .