والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون
"البدن " : جمع بدنة ؛ سميت لعظم بدنها وهي الإبل خاصة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=695230ولأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألحق البقر بالإبل حين قال : "البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة " ، فجعل البقر في حكم الإبل ، صارت البدنة في الشريعة متناولة للجنسين
[ ص: 196 ] عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه ، وإلا فالبدن هي الإبل وعليه تدل الآية ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : "والبدن " :
[ ص: 197 ] بضمتين ، كثمر في جمع ثمرة ،
وابن أبي إسحاق بالضمتين وتشديد النون على لفظ الوقف ، وقرئ بالنصب والرفع ؛ كقوله :
والقمر قدرناه [يس : 39 ] .
من شعائر الله أي : من أعلام الشريعة التي شرعها الله ، وإضافتها إلى اسمه ؛ تعظيم لها ،
لكم فيها خير كقوله :
لكم فيها منافع [الحج : 33 ] ، ومن شأن الحاج أن يحرص على شيء فيه خير ومنافع بشهادة الله ، عن بعض السلف أنه لم يملك إلا تسعة دنانير ، فاشترى بها بدنة ، فقيل له في ذلك ، فقال : سمعت ربي يقول :
لكم فيها خير [الحج : 36 ] ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : دنيا وآخرة ، وعن
إبراهيم : من احتاج إلى ظهرها ركب ، ومن احتاج إلى لبنها شرب ، وذكر اسم الله : أن يقول عند النحر : الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، اللهم ، منك وإليك ، "صواف " : قائمات ، قد صففن أيديهن وأرجلهن ، وقرئ : "صوافن " : من صفون الفرس ، وهو : أن يقوم على ثلاث وينصب الرابعة على طرف سنبكه ؛ لأن البدنة تعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث . وقرئ : "صوافي " ، أي : خوالص لوجه الله ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد : "صوافنا " : بالتنوين عوضا من حرف الإطلاق عند الوقف وعن بعضهم : صواف ؛ نحو مثل العرب ، أعط القوس باريها ، بسكون الياء .
وجوب الجنوب : وقوعها على الأرض ، ومن وجب الحائط وجبة إذا سقط ، ووجبت الشمس جبة : غربت ، والمعنى : فإذا وجبت جنوبها وسكنت نسائسها حل لكم الأكل منها والإطعام "القانع " : السائل ، من قنعت إليه وكنعت : إذا خضعت له وسألته قنوعا "والمعتر " : المعترض بغير سؤال ، أو القانع الراضي بما عنده وبما يعطي من غير سؤال ، من قنعت قنعا وقناعة ، والمعتر : المعترض بسؤال ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : والمعتري ، وعره وعراه واعتراه واعتره : بمعنى ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء : "القنع " ، وهو الراضي لا غير ، يقال : قنع فهو قنع وقانع .
من الله على عباده واستحمد إليهم بأن سخر لهم البدن مثل التسخير الذي رأوا وعلموا ، يأخذونها منقادة للأخذ طيعة فيعقلونها ويحبسونها صافة قوائمها ، ثم يطعنون في لبانها ، ولولا تسخير الله لم تطق ، ولم تكن بأعجز من بعض الوحوش التي هي أصغر منها جرما وأقل قوة ، وكفى بما يتأبد من الإبل شاهدا وعبرة .