[ ص: 209 ] ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد
قرئ : "مخضرة" أي : ذات خضر ، على مفعلة ، كمقبلة ومسبعة .
فإن قلت : هلا قيل : فأصبحت ؟ ولم صرف إلى لفظ المضارع ؟
قلت : لنكتة فيه ، وهي : إفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان ، كما تقول : أنعم علي فلان عام كذا ، فأروح وأغدوا شاكرا له ، ولو قلت : فرحت وغدوت ، ولم يقع ذلك الموقع .
فإن قلت : فما له رفع لم ينصب جوابا للاستفهام ؟
قلت : لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض ؛ لأن معناه إثبات الاخضرار ، فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار ، مثاله أن تقول لصاحبك : ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر : إن نصبته فأنت ناف لشكره شاك تفريطه فيه ، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر ، وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإعراب وتوقير أهله ،
"لطيف " : واصل علمه أو فضله إلى كل شيء ،
"خبير " : بمصالح الخلق ومنافعهم .