الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين
الفاسق : الخبيث ، الذي من شأنه الزنى والتقحب ، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء اللاتي على خلاف صفته ؛ وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله ، أو في مشركة ،
[ ص: 266 ] والفاسقة الخبيثة المسافحة ؛ كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها ؛ وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين ، ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنى : محرم عليه محظور ؛ لما فيه من التشبه بالفساق ، وحضور موقع التهمة ، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد ، ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرض لاقتراف الآثام ، فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب ؛ وقد نبه على ذلك بقوله :
وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم [النور : 32 ] ، وقيل : كان بالمدينة موسرات من بغايا المشركين ، فرغب فقراء المهاجرين في نكاحهن ، فاستأذنوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزلت ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- أن
الرجل إذا زنى بامرأة ، ليس له أن يتزوجها ؛ لهذه الآية ، وإذا باشرها كان زانيا ، وقد أجازه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما- وشبهه بمن سرق ثمر شجرة ثم اشتراه ، وعن النبي -صلى الله عليه وسلم-
أنه سئل عن ذلك ؟ فقال : "أوله سفاح وآخره نكاح ، والحرام لا يحرم الحلال " ، وقيل : المراد بالنكاح : الوطء ، وليس بقول لأمرين ، أحدهما : أن هذه الكلمة أينما وردت في القرآن لم ترد إلا في معنى العقد ، والثاني : فساد المعنى وأداؤه إلى قولك : الزاني لا يزني إلا بزانية ، والزانية لا يزني بها إلا زان ، وقيل : كان نكاح الزانية محرما في أول الإسلام ثم نسخ ؛ والناسخ قوله :
وأنكحوا الأيامى منكم [النور : 32 ] ، وقيل الإجماع ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، -رضي الله عنه- .
فإن قلت : أي فرق بين معنى الجملة الأولى ومعنى الثانية ؟ قلت : معنى الأولى : صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف ، ولكن في الفواجر ، ومعنى الثانية : صفة الزانية
[ ص: 267 ] بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء ولكن للزناة ، وهما معنيان مختلفان .
فإن قلت : كيف قدمت الزانية على الزاني أولا ، ثم قدم عليها ثانيا ؟
قلت : سيقت تلك الآية لعقوبتهما على ما جنيا ، والمرأة هي المادة التي منها نشأت الجناية ؛ لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمكنه ، لم يطمع ولم يتمكن ، فلما كانت أصلا وأولا في ذلك بدئ بذكرها ، وأما الثانية : فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه ؛ لأنه هو الراغب والخاطب ، ومنه يبدأ الطلب ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد -رضي الله عنه - : لا ينكح ، بالجزم على النهي ، والمرفوع فيه أيضا- معنى النهي ، ولكن أبلغ وآكد ، كما أن : "رحمك الله" و "يرحمك " : أبلغ من : "ليرحمك " ، ويجوز أن يكون خبرا محضا . على معنى : أن عادتهم جارية على ذلك ، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة ويتصون عنها ، وقرئ : "وحرم " : بفتح الحاء .