ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم
فإن قلت : كيف جاز الفصل بين لولا وقلتم ؟
قلت : للظروف شأن وهو تنزلها من الأشياء منزلة أنفسها ؛ لوقوعها فيها ، وأنها لا تنفك عنها ؛ فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها .
فإن قلت : فأي فائدة في تقديم الظرف حتى أوقع فاصلا ؟
قلت : الفائدة فيه : بيان أنه كان الواجب عليهم أن يتفادوا أول ما سمعوا بالإفك عن التكلم به ، فلما كان ذكر الوقت أهم وجب التقديم .
فإن قلت : فما معنى يكون ، والكلام بدونه متلئب لو قيل : ما لنا أن نتكلم بهذا ؟
قلت : معناه معنى : ينبغي ، ويصح ، أي : ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا ، وما يصح لنا ؛ ونحوه : ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ، و
"سبحانك " : للتعجب من عظم الأمر .
[ ص: 277 ] فإن قلت : ما معنى التعجب في كلمة التسبيح ؟
قلت : الأصل في ذلك : أن يسبح الله عند رؤية العجيب من صنائعه ، ثم كثر حتى استعمل في كل متعجب منه ، أو لتنزيه الله -تعالى- من أن تكون حرمة نبيه -عليه السلام- فاجرة .
فإن قلت : كيف جاز أن تكون امرأة النبي كافرة كامرأة
نوح ولوط ، ولم يجز أن تكون فاجرة ؟
قلت : لأن الأنبياء مبعوثون إلى الكفار ليدعوهم ويستعطفوهم ، فيجب ألا يكون معهم ما ينفرهم عنهم ، ولم يكن الكفر عندهم مما ينفر ، وأما الكشخنة فمن أعظم المنفرات .