ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا
يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم
ولو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى . و
لبعثنا في كل قرية نبيا ينذرها . وإنما قصرنا الأمر عليك وعظمناك به ، وأجللناك وفضلناك على سائر الرسل ، فقابل ذلك بالتشدد والتصبر
فلا تطع الكافرين فيما يريدونك عليه ، وإنما أراد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم . والضمير للقرآن أو لترك الطاعة الذي يدل عليه :
فلا تطع والمراد : أن الكفار يجدون ويجتهدون في توهين أمرك ، فقابلهم من جدك واجتهادك وعضك على نواجذك بما تغلبهم به وتعلوهم ، وجعله جهادا كبيرا لما يحتمل فيه من المشاق العظام . ويجوز أن يرجع الضمير في " به" إلى ما دل عليه :
ولو [ ص: 363 ] شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا من كونه نذير كافة القرى ، لأنه لو بعث في كل قرية نذيرا لوجبت على كل نذير مجاهدة قريته ، فاجتمعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك المجاهدات كلها ، فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم ، فقال له
"وجاهدهم" بسبب كونك نذير كافة القرى
جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة .