وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا
سمى الماءين الكثيرين الواسعين : بحرين ، والفرات : البليغ العذوبة حتى يضرب إلى الحلاوة . والأجاج : نقيضه . ومرجهما : خلاهما متجاورين متلاصقين ، وهو بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج . وهذا من عظيم اقتداره . وفي كلام بعضهم : وبحران : أحدهما مع الآخر ممروج ، وماء العذب منهما بالأجاج ممزوج
"برزخا" حائلا من قدرته ، كقوله تعالى :
بغير عمد ترونها [الرعد : 2 ] ، يريد بغير عمد مرئية ، وهو قدرته . وقرئ : "ملح " ، على فعل ، وقيل : كأنه حذف من مالح تخفيفا ، كما قال : وصليانا بردا ، يريد : باردا : فإن قلت :
وحجرا محجورا ما معناه ؟ قلت : هي الكلمة التي يقولها المتعوذ ؛ وقد فسرناها ، وهي ها هنا واقعة على سبيل المجاز ، كأن كل واحد من البحرين يتعوذ من صاحبه ويقول له : حجرا محجورا ، كما قال "لا يبغيان" [الرحمن : 20 ] ، أي لا يبغي أحدهما على صاحبه بالممازجة ، فانتفاء البغي ثمة كالتعوذ ها هنا : جعل كل واحد منهما في صورة الباغي على صاحبه ، فهو يتعوذ منه وهي من أحسن الاستعارات وأشهدها على البلاغة .