قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون
فإن قلت : ما العامل في
"حوله" ؟ قلت : هو منصوب نصبين : نصب في اللفظ ، ونصب في المحل ؛ فالعامل في النصب اللفظي ما يقدر في الظرف ، والعامل في النصب
[ ص: 389 ] المحلي وهو النصب على الحال : قال : ولقد تحير
فرعون لما أبصر الآيتين ، وبقي لا يدري أي طرفيه أطوف ، حتى ذل عنه ذكر دعوى الإلهية ، وحط عن منكبيه كبرياء الربوبية ، وارتعدت فرائصه ، وانتفخ سحره خوفا وفرقا ؛ وبلغت به الاستكانة لقومه الذين هم بزعمه عبيده وهو إلههم : أن طفق يؤامرهم ويعترف لهم بما حذر منه وتوقعه وأحس به من جهة
موسى عليه السلام وغلبته على ملكه وأرضه ، وقوله :
إن هذا لساحر عليم قول باهت إذا غلب ومتمحل إذا ألزم
"تأمرون" من المؤامرة وهي المشاورة . أو من الأمر الذي هو ضد النهي : جعل العبيد آمرين وربهم مأمورا لما استولى عليه من فرط الدهش والحيرة . وماذا منصوب : إما لكونه في معنى المصدر ، وإما لأنه مفعول به من قوله : أمرتك الخير .