وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين "منذرون" رسل ينذرونهم " ذكري" منصوبة بمعنى تذكرة ، إما لأن "أنذر ، وذكر" متقاربان ، فكأنه قيل : مذكرون تذكرة . وإما لأنها حال من الضمير في منذرون أي ، ينذرونهم ذوي تذكرة . وإما لأنها مفعول له ؛ على معنى : أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة . أو مرفوعة على أنها خبر مبتدأ محذوف ، بمعنى : هذه ذكرى . والجملة اعتراضية . أو صفة بمعنى : منذرون ذوو ذكرى . أو جعلوا ذكرى لإمعانهم في التذكرة وإطنابهم فيها . ووجه آخر : وهو أن يكون ذكرى متعلقة بأهلكنا مفعولا له . والمعنى : وما أهلكنا من أهل قرية ظالمين إلا بعدما ألزمناهم الحجة بإرسال المنذرين إليهم ، ليكون إهلاكهم تذكرة وعبرة لغيرهم ، فلا يعصوا مثل عصيانهم
وما كنا ظالمين فنهلك قوما غير ظالمين . وهذا الوجه عليه المعول . فإن قلت : كيف عزلت الواو عن الجملة بعد " إلا" ولم تعزل عنها في قوله :
وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم [الحجر : 4 ] ؟ قلت : الأصل : عزل الواو لأن الجملة صفة لقرية ، وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف كما في قوله :
سبعة وثامنهم كلبهم .