إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
استثنى الشعراء المؤمنين الصالحين الذين يكثرون ذكر الله وتلاوة القرآن ، وكان ذلك أغلب عليهم من الشعر ، وإذا قالوا شعرا قالوه في توحيد الله والثناء عليه ، والحكمة والموعظة ، والزهد والآداب الحسنة ، ومدح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والصحابة وصلحاء الأمة ، وما لا بأس به من المعاني التي لا يتلطخون فيها بذنب ولا يتلبسون بشائنة ولا منقصة ، وكان هجاؤهم على سبيل الانتصار ممن يهجوهم . قال الله تعالى :
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم [النساء : 148 ] ، وذلك من غير اعتداء ولا زيادة على ما هو جواب لقوله تعالى :
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم [البقرة : 194 ] ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد : أن رجلا من العلوية قال له : إن صدري ليجيش بالشعر ، فقال : فما يمنعك منه فيما لا بأس به ؟ والقول فيه : أن الشعر باب من الكلام ، فحسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام . وقيل : المراد بالمستثنين :
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=144وحسان بن ثابت ، والكعبان :
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ،
وكعب بن زهير ؛ والذين كانوا ينافحون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ويكافحون هجاة
قريش .
nindex.php?page=hadith&LINKID=889118وعن nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : "اهجهم ؛ فوالذي نفسي بيده لهو أشد عليهم من النبل " ،
وكان يقول nindex.php?page=showalam&ids=144لحسان : [ ص: 427 ] "قل وروح القدس معك " . ختم السورة بآية ناطقة بما لا شيء أهيب منه وأهول ،
[ ص: 428 ] ولا أنكى لقلوب المتأملين ولا أصدع لأكباد المتدبرين . وذلك قوله :
"وسيعلم" وما فيه من الوعيد البليغ ، وقوله :
الذين ظلموا وإطلاقه . وقوله :
أي منقلب ينقلبون وإبهامه ، وقد تلاها
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر -رضي الله عنهما- حين عهد إليه . وكان السلف الصالح يتواعظون بها ويتناذرون شدتها . وتفسير الظلم بالكفر تعليل . ولأن تخاف فتبلغ الأمن : خير من أن تأمن فتبلغ الخوف . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "أي منفلت ينفلتون " ، ومعناها : إن الذين ظلموا يطمعون أن ينفلتوا من عذاب الله ، وسيعلمون أن ليس لهم وجه من وجوه الانفلات وهو النجاة : اللهم اجعلنا ممن جعل هذه الآية بين عينيه فلم يغفل عنها ؛ وعلم أن من عمل سيئة فهو من الذين ظلموا ، والله أعلم بالصواب .
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - :
"من قرأ سورة الشعراء كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به وهود وشعيب وصالح وإبراهيم وبعدد من كذب بعيسى وصدق بمحمد عليهم الصلاة والسلام " .