إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون "إذ" منصوب بمضمر ، وهو : اذكر ، كأنه قال على أثر ذلك : خذ من آثار حكمته وعلمه قصة
موسى . ويجوز أن ينتصب بـ
عليم . وروي أنه لم يكن مع
موسى عليه السلام
[ ص: 432 ] غير امرأته ، وقد كنى الله عنها بالأهل ، فتبع ذلك ورود الخطاب على لفظ الجمع ، وهو قوله : " امكثوا " . الشهاب : الشعلة . والقبس : النار المقبوسة ، وأضاف الشهاب إلى القبس لأنه يكون قبسا وغير قبس . ومن قرأ بالتنوين : جعل القبس بدلا ، أو صفة لما فيه من معنى القبس . والخبر : ما يخبر به عن حال الطريق ، لأنه كان قد ضله . فإن قلت : سآتيكم منها بخبر ، ولعلي آتيكم منها بخبر : كالمتدافعين ؛ لأن أحدهما ترج والآخر تيقن . قلت : قد يقول الراجي إذا قوي رجاؤه . سأفعل كذا ، وسيكون كذا مع تجويزه الخيبة . فإن قلت : كيف جاء بسين التسويف ؟ قلت : عدة لأهله أنه يأتيهم به وإن أبطأ ، أو كانت المسافة بعيدة . فإن قلت : فلم جاء بأو دون الواو ؟ قلت : بني الرجاء على أنه إن لم يظفر بحاجتيه جميعا لم يعدم واحدة منهما : إما هداية الطريق ؛ وإما اقتباس النار ، ثقة بعادة الله أنه لا يكاد يجمع بين حرمانين على عبده ، وما أدراه حين قال ذلك أنه ظافر على النار بحاجتيه الكليتين جميعا ، وهما العزان : عز الدنيا ، وعز الآخرة .