ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون
"و" اذكر "لوطا" أو أرسلنا
لوطا لدلالة
ولقد أرسلنا عليه . و " إذا" بدل على الأول ظرف على الثاني .
وأنتم تبصرون من بصر القلب ، أي : تعلمون أنها فاحشة لم تسبقوا إليها ، وأن الله إنما خلق الأنثى للذكر ولم يخلق الذكر للذكر ، ولا الأنثى للأنثى ، فهي مضادة لله في حكمته وحكمه ، وعلمكم بذلك أعظم لذنوبكم وأدخل في القبح والسماجة . وفيه دليل على أن القبيح من الله أقبح منه من عبادة ؛ لأنه أعلم العالمين وأحكم الحاكمين . أو تبصرونها بعضكم من بعض ، لأنهم كانوا في ناديهم يرتكبونها معالنين بها ، لا يتستر بعضهم من بعض خلاعة ومجانة ، وانهماكا في المعصية ، وكأن أبا نواس بنى على مذهبهم قوله [من الطويل ] :
وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى . . . فلا خير في اللذات من دونها ستر
أو تبصرون آثار العصاة قبلكم وما نزل بهم . فإن قلت : فسرت تبصرون بالعلم وبعده
بل أنتم قوم تجهلون فكيف يكونون علماء وجهلاء ؟ قلت : أراد : تفعلون فعل الجاهلين بأنها فاحشة مع علمكم بذلك . أو تجهلون العاقبة ، أو أراد بالجهل : السفاهة والمجانة التي كانوا عليها فإن قلت :
"تجهلون" صفة لقوم ، والموصوف لفظه لفظ الغائب ، فهلا طابقت الصفة الموصوف فقرئ بالياء دون التاء ؟ وكذلك بل أنتم قوم تفتنون ؟ قلت :
[ ص: 463 ] اجتمعت الغيبة والمخاطبة ، فغلبت المخاطبة ، لأنها أقوى وأرسخ أصلا من الغيبة .