إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون
أمر رسوله بأن يقول : " أمرت" أن أخص الله وحده بالعبادة ، ولا أتخذ له شريكا كما فعلت
قريش ، وأن أكون من الحنفاء الثابتين على ملة الإسلام
وأن أتلو القرآن من التلاوة أو التلو كقوله :
واتبع ما يوحى إليك والبلدة :
مكة حرسها الله تعالى : اختصها من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها ؛ لأنها أحب بلاده إليه ، وأكرمها عليه ؛ وأعظمها عنده . وهكذا
nindex.php?page=hadith&LINKID=698813قال النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج في مهاجره ، فلما بلغ الحزورة استقبلها بوجهه الكريم فقال : "إني أعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله . ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت " ، وأشار إليها إشارة تعظيم لها وتقريب ، دالا على أنها موطن نبيه ومهبط
[ ص: 479 ] وحيه ، ووصف ذاته بالتحريم الذي هو خاص وصفها ، فأجزل بذلك قسمها في الشرف والعلو ، ووصفها بأنها محرمة لا ينتهك حرمتها إلا ظالم مضاد لربه
ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم لا يختلى خلاها ، ولا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها . واللاجئ إليها آمن . وجعل دخول كل شيء تحت ربوبيته وملكوته كالتابع لدخولها تحتهما . وفي ذلك إشارة إلى أن ملكا ملك مثل هذه البلدة عظيم الشأن قد ملكها وملك إليها كل شيء : اللهم بارك لنا في سكناها ، وآمنا فيها شر كل ذي شر ، ولا تنقلنا من جوار بيتك إلا إلى دار رحمتك . وقرئ : "التي حرمها " . واتل عليهم هذا القرآن : عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي "وأن
[ ص: 480 ] أتل " : عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
فمن اهتدى باتباعه إياي فيما أنا بصدده من توحيد الله ونفي الأنداد عنه ، والدخول في الملة الحنيفية ، واتباع ما أنزل علي من الوحي ؛ فمنفعة اهتدائه راجعة إليه لا إلي
ومن ضل ولم يتبعني فلا علي ، وما أنا إلا رسول منذر ، وما على الرسول إلا البلاغ ، ثم أمره أن يحمد الله على ما خوله من نعمة النبوة التي لا توازيها نعمة ، وأن يهدد أعداءه بما سيريهم الله من آياته التي تلجئهم إلى المعرفة ، والإقرار بأنها آيات الله . وذلك حين لا تنفعهم المعرفة . يعني في الآخرة . عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي : الدخان ، وانشقاق القمر . وما حل بهم من نقمات الله في الدنيا . وقيل : هو كقوله :
سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم الآية وكل عمل يعملونه ، فالله عالم به غير غافل عنه لأن الغفلة والسهو لا يجوزان على عالم الذات وهو من وراء جزاء العالمين . قرئ : "تعملون " ، بالتاء والياء .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من قرأ طس سليمان : كان له من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق سليمان وكذب به وهود وشعيب وصالح وإبراهيم ، ويخرج من قبره وهو ينادي لا إله إلا الله " .