إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين [ ص: 530 ] فرض عليك القرآن أوجب عليك تلاوته وتبليغه والعمل بما فيه ، يعني : أن الذي حملك صعوبة هذا التكليف لمثيبك عليها ثوابا لا يحيط به الوصف . و
"لرادك" بعد الموت
إلى معاد أي معاد ليس لغيرك من البشر وتنكير المعاد لذلك : وقيل : المراد به
مكة : ووجهه أن يراد رده إليها يوم الفتح : ووجه تنكيره أنها كانت في ذلك اليوم معادا له شأن ، ومرجعا له اعتداد ؛ لغلبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليها ، وقهره لأهلها ، ولظهور عز الإسلام وأهله وذل الشرك وحزبه . والسورة مكية ، فكأن الله وعده وهو
بمكة في أذى وغلبة من أهلها : أنه يهاجر به منها ، ويعيده إليها ظاهرا ظافرا . وقيل : نزلت عليه حين بلغ
الجحفة في مهاجره . وقد اشتاق إلى مولده ، ومولد آبائه ، وحرم
إبراهيم ؛ فنزل
جبريل فقال له : أتشتاق إلى
مكة ؟ قال : نعم ؛ فأوحاها إليه . فإن قلت : كيف اتصل قوله تعالى :
قل ربي أعلم بما قبله ؟ قلت : لما وعد رسوله الرد إلى معاد ، قال : قل للمشركين :
ربي أعلم من جاء بالهدى يعني نفسه وما يستحقه من الثواب في معاده
ومن هو في ضلال مبين يعنيهم وما يستحقونه من العقاب في معادهم .