ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون
فإن قلت : أي فرق بين الأولى والثانية والثالثة في قوله تعالى :
من أنفسكم ،
من ما ملكت أيمانكم ،
من شركاء ؟ قلت : الأولى للابتداء ، كأنه قال : أخذ مثلا وانتزعه من أقرب شيء منكم وهي أنفسكم ولم يبعد ، والثانية للتبعيض ، والثالثة مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي . ومعناه : هل ترضون لأنفسكم -وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد- أن يشارككم بعضهم
في ما رزقناكم من الأموال وغيرها ما تكونون أنتم وهم فيه على السواء ، من غير تفصلة بين حر وعبد : تهابون أن تستبدوا بتصرف دونهم ، وأن تفتاتوا بتدبير عليهم كما يهاب بعضكم بعضا من الأحرار ، فإذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم ، فكيف ترضون لرب الأرباب ومالك الأحرار والعبيد أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء ؟
"كذلك" أي مثل هذا التفصيل
نفصل الآيات أي نبينها : لأن التمثيل مما يكشف
[ ص: 577 ] المعاني ويوضحها ؛ لأنه بمنزلة التصوير والتشكيل لها . ألا ترى كيف صور الشرك بالصورة المشوهة ؟