ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون
ثم في قوله :
ثم أعرض عنها للاستبعاد . والمعنى : أن الإعراض عن مثل آيات الله في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها مستبعد في العقد والعدل ، كما تقول لصاحبك : وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها استبعادا لتركه الانتهاز ; ومنه ثم في بيت الحماسة [من الطويل ] :
لا يكشف الغماء إلا ابن حرة يرى غمرات الموت ثم يزورها
[ ص: 38 ] استبعد أن يزور غمرات الموت بعد أن رآها واستيقنها واطلع على شدتها . فإن قلت : هلا قيل : إنا منه منتقمون ؟ قلت : لما جعله أظلم كل ظالم ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم ، فقد دل على إصابة الأظلم النصيب الأوفر من الانتقام ، ولو قاله بالضمير لم يفد هذه الفائدة .