[ ص: 105 ] سورة سبأ
مكية ، [إلا آية 6 فمدنية ]
وآياتها 54 [نزلت بعد لقمان ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو الرحيم الغفور
ما في السماوات والأرض كله نعمة من الله ، وهو الحقيق بأن يحمد ويثنى عليه من أجله ، ولما قال :
الحمد لله ثم وصف ذاته بالإنعام بجميع النعم الدنيوية ، كان معناه : أنه المحمود على نعم الدنيا ، كما تقول : أحمد أخاك الذي كساك وحملك ، تريد : أحمده على كسوته وحملانه . ولما قال :
وله الحمد في الآخرة علم أنه المحمود على نعم الآخرة وهو الثواب . فإن قلت : ما الفرق بين الحمدين ؟ قلت : أما الحمد في الدنيا فواجب ; لأنه على نعمة متفضل بها ، وهو الطريق إلى تحصيل نعمة الآخرة وهي الثواب . وأما الحمد في الآخرة فليس بواجب ; لأنه على نعمة واجبة الإيصال إلى مستحقها ، وإنما هو تتمة سرور المؤمنين وتكملة اغتباطهم : يلتذون به كما يلتذ من به العطاش بالماء البارد
[ ص: 106 ] وهو الحكيم الذي أحكم أمور الدارين ودبرها بحكمته "الخبير " بكل كائن يكون . ثم ذكرها مما يحيط به علما
ما يلج في الأرض من الغيث كقوله :
فسلكه ينابيع في الأرض [الزمر : 21 ] ومن الكنوز والدفائن والأموات ، وجميع ما هي له كفات
وما يخرج منها من الشجر والنبات ، وماء العيون ، والغلة ، والدواب ، وغير ذلك .
وما ينزل من السماء من الأمطار والثلوج والبرد والصواعق والأرزاق والملائكة وأنواع البركات والمقادير ، كما قال تعالى :
وفي السماء رزقكم وما توعدون [الذاريات : 22 ]
وما يعرج فيها من الملائكة وأعمال العباد "وهو " مع كثرة نعمه وسبوغ فضله
الرحيم الغفور للمفرطين في أداء مواجب شكرها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب -رضي الله عنه - : تنزل ، بالنون والتشديد .