يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز
فإن قلت : لم عرف الفقراء ؟ قلت : قصد بذلك أن يريهم أنهم لشدة افتقارهم إليه هم
[ ص: 149 ] جنس الفقراء ، وإن كانت الخلائق كلهم مفتقرين إليه من الناس وغيرهم ; لأن الفقر مما يتبع الضعف ، وكلما كان الفقير أضعف كان أفقر ، وقد شهد الله سبحانه على الإنسان بالضعف في قوله :
وخلق الإنسان ضعيفا [النساء : 28 ] وقال سبحانه وتعالى :
الله الذي خلقكم من ضعف [الروم : 54 ] ولو نكر لكان المعنى أنتم بعض الفقراء . فإن قلت : قد قوبل الفقراء بالغنى ، فما فائدة الحميد ؟ قلت : لما أثبت فقرهم إليه وغناه عنهم -وليس كل غني نافعا بغناه إلا إذا كان الغني جوادا منعما ، فإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليهم واستحق عليهم الحمد - ذكر الحميد ليدل به على أنه الغني النافع بغناه خلقه ، الجواد المنعم عليهم المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه ، الحميد على ألسنة مؤمنيهم "بعزيز " بممتنع ، وهذا غضب عليهم لاتخاذهم له أندادا ، وكفرهم بآياته ومعاصيهم ، كما قال :
تتولوا يستبدل قوما غيركم [محمد : 38 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس -رضي الله عنهما - : يخلق بعدكم من يعبده لا يشرك به شيئا .