ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم
العهد : الوصية ، وعهد إليه : إذا وصاه ، وعهد الله إليهم : ما ركزه فيهم من أدلة العقل وأنزل عليهم من دلائل السمع . وعبادة الشيطان : طاعته فيما يوسوس به إليهم ويزينه لهم . وقرئ : (إعهد ) بكسر الهمزة . وباب "فعل " كله يجوز في حروف مضارعته الكسر ، إلا في الياء . و (أعهد ) بكسر الهاء ، وقد جوز
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أن يكون من باب نعم ينعم وضرب يضرب . و (أحهد ) بالحاء ، وأحد : وهي لغة
تميم . ومنه قولهم : دحا محا . "هذا " إشارة إلى ما عهد إليهم من معصية الشيطان وطاعة الرحمن ، إذ لا صراط أقوم منه ، ونحو
[ ص: 186 ] التنكير فيه ما في قول كثير [من الطويل ] :
لئن كان يهدى برد أنيابها العلا لأفقر مني إنني لفقير
أراد : إنني لفقير بليغ الفقر ، حقيق بأن أوصف به لكمال شرائطه في ، وإلا لم يستقم معنى البيت ، وكذلك قوله :
هذا صراط مستقيم يريد : صراط بليغ في بابه ، بليغ في استقامته ، جامع لكل شرط يجب أن يكون عليه . ويجوز أن يراد : هذا بعض الصرط المستقيمة ، توبيخا لهم على العدول عنه ، والتفادي عن سلوكه ، كما يتفادى الناس على الطريق المعوج الذي يؤدي إلى الضلالة والتهلكة ، كأنه قيل : أقل أحوال الطريق الذي هو أقوم الطرق ، أن يعتقد فيه كما يعتقد في الطريق الذي لا يضل السالك ، كما يقول الرجل لولده وقد نصحه النصح البالغ الذي لبس بعده : هذا فيما أظن قول نافع غير ضار ، توبيخا له على الإعراض عن نصائحه .