ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون بحبل من الله في محل النصب على الحال، بتقدير: إلا معتصمين أو متمسكين أو متلبسين بحبل من الله وهو استثناء من أعم عام الأحوال، والمعنى: ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس، يعني ذمة الله وذمة المسلمين، أي: لا عز لهم قط إلا هذه الواحدة وهي إلتجاؤهم إلى الذمة لما قبلوه من الجزية،
وباءوا بغضب من الله استوجبوه
وضربت عليهم المسكنة : كما يضرب البيت على أهله، فهم ساكنون في المسكنة غير ظاعنين عنها، وهم اليهود عليهم لعنة الله وغضبه.
"ذلك": إشارة إلى ما ذكر من ضرب الذلة والمسكنة والبواء بغضب الله، أي: ذلك كائن بسبب كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء، ثم قال:
ذلك بما عصوا أي: ذلك كائن بسبب عصيانهم لله واعتدائهم لحدوده؛ ليعلم أن الكفر وحده ليس بسبب في استحقاق سخط الله، وأن سخط الله يستحق بركوب المعاصي كما يستحق بالكفر، ونحوه
مما خطيئاتهم أغرقوا [نوح: 25]
وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل [النساء: 161].