وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق
"الملأ " أشراف
قريش ، يريد : وانطلقوا عن مجلس
أبي طالب ، بعد ما بكتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالجواب العتيد ، قائلين بعضهم لبعض :
امشوا واصبروا فلا حيلة لكم في دفع أمر
محمد "إن هذا " الأمر
لشيء يراد أي : يريده الله تعالى ويحكم بإمضائه ، وما أراد الله
[ ص: 244 ] كونه فلا مرد له ولا ينفع فيه إلا الصبر ، أو أن هذا الأمر لشيء من نوائب الدهر يراد بنا فلا انفكاك لنا منه ، أو أن دينكم لشيء يراد ، أي : يطلب ليؤخذ منكم وتغلبوا عليه . و "أن " بمعنى أي ; لأن المنطلقين عن مجلس التقاول لا بد لهم من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما جرى لهم ، فكان انطلاقهم مضمنا معنى القول ، ويجوز أن يراد بالانطلاق : الاندفاع في القول ، وأنهم قالوا : امشوا ، أي : أكثروا واجتمعوا ، من مشت المرأة إذا كثرت ولادتها . ومنه : الماشية ; للتفاؤل ، كما قيل لها : الفاشية . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=908182 "ضموا فواشيكم " ومعنى
واصبروا على آلهتكم : واصبروا على عبادتها والتمسك بها حتى لا تزالوا عنها ، وقرئ : (وانطلق الملأ منهم امشوا ) بغير (أن ) على إضمار القول . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : (وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا )
في الملة الآخرة في ملة
عيسى التي هي آخر الملل ; لأن النصارى يدعونها وهم مثلثة غير موحدة . أو في ملة
قريش التي أدركنا عليها آباءنا ، أو ما سمعنا بهذا كائنا في الملة الآخرة ، على أن يجعل (فى الملة الآخرة ) حالا من هذا ولا تعلقه بما سمعنا كما في الوجهين . والمعنى : أنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا من الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله . ما
هذا إلا اختلاق أي : افتعال وكذب .