إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط
الحسنة: الرخاء، والخصب، والنصرة، والغنيمة، ونحوها من المنافع، والسيئة ما كان ضد ذلك، وهذا بيان لفرط معاداتهم، حيث يحسدونهم على ما نالهم من الخير، ويشمتون بهم فيما أصابهم من الشدة.
فإن قلت: كيف وصفت الحسنة بالمس والسيئة بالإصابة؟ قلت: المس مستعار لمعنى الإصابة فكان المعنى واحدا، ألا ترى إلى قوله:
إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة [التوبة: 50]
ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك [النساء: 79]
إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا [المعارج: 20 - 21].
وإن تصبروا على عداوتهم "وتتقوا": ما نهيتم عنه من موالاتهم، أو وإن تصبروا على تكاليف الدين ومشاقه، وتتقوا الله في اجتنابكم محارمه كنتم في كنف الله فلا يضركم كيدهم، وقرئ: (لا يضركم): من ضاره يضيره، ويضركم على أن ضمة الراء لإتباع ضمة الضاد، كقولك مد يا هذا، وروى
المفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم (لا يضركم) بفتح الراء، وهذا تعليم من الله وإرشاد إلى أن يستعان على كيد العدو بالصبر والتقوى، وقد قال الحكماء: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلا في نفسك.
إن الله بما تعملون من الصبر والتقوى وغيرهما، "محيط": ففاعل بكم ما أنتم أهله، وقرئ بالياء (بما يعملون) بمعنى أنه عالم بما يعملون في عداوتكم فمعاقبهم عليه.