قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب في هذه الدنيا متعلق بأحسنوا لا بحسنة، معناه: الذين أحسنوا في هذه الدنيا فلهم حسنة في الآخرة. وهي دخول الجنة، أي: حسنة غير مكتنهة بالوصف. وقد علقه
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي بحسنة، ففسر بحسنة بالصحة والعافية. فإن قلت: إذا علق الظرف بأحسنوا فإعرابه ظاهر، فما معنى تعليقه بحسنة؟ ولا يصح أن يقع صفة لها لتقدمه. قلت: هو صفة لها إذا تأخر، فإذا تقدم كان بيانا لمكانها فلم يخل التقدم بالتعلق، وإن لم يكن التعلق وصفا، ومعنى:
وأرض الله واسعة أن لا عذر للمفرطين في الإحسان البتة; حتى إن اعتلوا بأوطانهم وبلادهم، وأنهم لا يتمكنون فيها من التوفر على الإحسان، وصرف الهمم إليه قيل لهم: فإن أرض الله واسعة وبلاده كثيرة، فلا تجتمعوا مع العجز، وتحولوا إلى بلاد أخر، واقتدوا بالأنبياء والصالحين في مهاجرتهم إلى غير بلادهم; ليزدادوا إحسانا إلى إحسانهم وطاعة إلى طاعتهم. وقيل: هو للذين كانوا في بلد المشركين فأمروا بالمهاجرة عنه، كقوله تعالى:
ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [النساء: 97]. وقيل: هي أرض الجنة. و "الصابرون" الذين صبروا على مفارقة أوطانهم وعشائرهم، وعلى غيرها. من تجرع الغصص واحتمال البلايا في طاعة الله وازدياد الخير
بغير حساب لا يحاسبون عليه. وقيل: بغير مكيال وغير ميزان يغرف لهم غرفا، وهو تمثيل للتكثير. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: لا يهتدي إليه حساب الحساب ولا يعرف. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:
"ينصب الله الموازين يوم القيامة فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صبا، قال الله تعالى: إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب حتى يتمنى أهل العافية في الدنيا أن أجسادهم تقرض بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء من الفضل".