الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
"الأنفس" الجمل كما هي، وتوفيها: إماتتها، وهو أن يسلب ما هي به حية حساسة دراكة من: صحة أجزائها وسلامتها; لأنها عند سلب الصحة كأن ذاتها قد سلبت
والتي لم تمت في منامها يريد: ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها، أي: يتوفاها حين تنام، تشبيها للنائمين بالموتى. ومنه قوله تعالى:
وهو الذي يتوفاكم بالليل [الأنعام: 6] حيث لا يميزون ولا يتصرفون، كما أن الموتى كذلك، "فيمسك" الأنفس
التي قضى عليها الموت الحقيقي، أي: لا يردها في وقتها حية،
ويرسل الأخرى النائمة إلى أجل مسمى إلى وقت ضربه لموتها. وقيل: يتوفى الأنفس يستوفيها ويقضيها، وهي الأنفس التي تكون معها الحياة والحركة، ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها، وهي أنفس التمييز. قالوا: فالتي تتوفى في النوم هي نفس التمييز لا نفس الحياة; لأن نفس الحياة إذا زالت زال معها النفس، والنائم يتنفس. ورووا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: في ابن
آدم نفس وروح بينهما شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحرك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه. والصحيح ما ذكرت أولا; لأن الله عز وعلا علق التوفى والموت والمنام جميعا بالأنفس، وما عنوا بنفس الحياة والحركة ونفس العقل والتمييز غير متصف بالموت والنوم، وإنما الجملة هي التي تموت وهي التي تنام.
إن في ذلك إن في توفى الأنفس مائتة ونائمة وإمساكها وإرسالها
[ ص: 309 ] إلى أجل لآيات على قدرة الله وعلمه، لقوم يجيلون فيه أفكارهم ويعتبرون. وقرئ: (قضي عليها الموت) على البناء للمفعول.