قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون
فإن قلت: من أين كان قوله:
إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي جوابا لقولهم:
قلوبنا في أكنة ؟ قلت: من حيث أنه قال لهم: إني لست بملك، وإنما أنا بشر مثلكم، وقد أوحي إلي دونكم فصحت -بالوحي إلي وأنا بشر- نبوتي، وإذا صحت نبوتي وجب عليكم اتباعي، وفيما يوحى إلي: أن إلهكم إله واحد
فاستقيموا إليه فاستووا إليه بالتوحيد وإخلاص العبادة غير ذاهبين يمينا وشمالا، ولا ملتفتين إلى ما يسول لكم الشيطان من اتخاذ الأولياء والشفعاء، وتوبوا إليه مما سبق لكم من الشرك "واستغفروه". وقرئ: (قال إنما أنا بشر). فإن قلت: لم خص من بين أوصاف المشركين منع الزكاة مقرونا بالكفر بالآخرة؟ قلت: لأن أحب شيء إلى الإنسان ماله وهو شقيق روحه، فإذا بذله في سبيل الله فذلك أقوى دليل على ثباته واستقامته وصدق نيته ونصوع طويته. ألا ترى إلى قوله عز وجل:
ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم [البقرة: 265] أي: يثبتون أنفسهم ويدلون على ثباتها بإنفاق الأموال، وما خدع المؤلفة قلوبهم إلا بلمظة من الدنيا فقرت عصبيتهم ولانت شكيمتهم، وأهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تظاهروا إلا بمنع الزكاة، فنصبت لهم الحرب، وجوهدوا. وفيه بعث المؤمنين على أداء
[ ص: 369 ] الزكاة، وتخويف شديد من منعها، حيث جعل المنع من أوصاف المشركين، وقرن بالكفر بالآخرة. وقيل: كانت
قريش يطمعون الحاج، ويحرمون من آمن منهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: لا يفعلون ما يكونون به أزكياء، وهو الإيمان.