أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين أفنضرب عنكم الذكر صفحا بمعنى: أفننحي عنكم الذكر ونذوده عنكم على سبيل المجاز، من قولهم: ضرب الغرائب عن الحوض. ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج : ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل. وقال طرفة [من المنسرح]:
اضرب عنك الهموم طارفها ضربك بالسيف قونس الفرس
[ ص: 426 ] والفاء للعطف على محذوف، تقديره: أنهملكم فنضرب عنكم الذكر; إنكارا لأن يكون الأمر على خلاف ما قدم على إنزاله الكتاب. وخلقه قرآنا عربيا; ليعقلوه ويعملوا بمواجبه. وصفحا على وجهين. إما مصدر من صفح عنه: إذا أعرض، منتصب على أنه مفعول له، على معنى: أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضا عنكم. وإما بمعنى الجانب من قولهم: نظر إليه بصفح وجهه وصفح وجهه، على معنى: أفننحيه عنكم جانبا، فينتصب على الظرف كما تقول: ضعه جانبا، وامش جانبا. وتعضده قراءة من قرأ (صفحا) بالضم. وفى هذه القراءة وجه آخر: وهو أن يكون تخفيف صفح جمع صفوح، وينتصب على الحال، أي: صافحين معرضين; ( إن كنتم ) أي: لأن كنتم. وقرئ: (إن كنتم) و (إذ كنتم). فإن قلت: كيف استقام معنى إن الشرطية، وقد كانوا مسرفين على البت؟ قلت: هو من الشرط الذي ذكرت أنه يصدر عن المدل بصحة الأمر، المتحقق لثبوته، كما يقول الأجير: إن كنت عملت لك فوفني حقي، وهو عالم بذلك، ولكنه يخيل في كلامه أن تفريطك في الخروج عن الحق: فعل من له شك في الاستحقاق، مع وضوحه استجهالا له.