كذلك وأورثناها قوما آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين
"كذلك" الكاف منصوبة على معنى: مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها "وأورثناها" أو في موضع الرفع على الأمر كذلك.
قوما آخرين ليسوا منهم في شيء من قرابة ولا دين ولا ولاء، وهم بنو إسرائيل: كانوا متسخرين مستعبدين في أيديهم، فأهلكهم الله على أيديهم، وأورثهم ملكهم وديارهم. إذا مات رجل خطير قالت العرب في تعظيم مهلكة: بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح، وأظلمت له الشمس. وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ما من مؤمن مات في غربة غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15626جرير [من البسيط]:
[ ص: 471 ] تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
وقالت
الخارجية [من الطويل]:
أيا شجر الخابور ما لك مورقا؟ كأنك لم تجزع على ابن طريف
[ ص: 472 ] وذلك على سبيل التمثيل والتخييل مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه، وكذلك ما يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: من بكاء مصلى المؤمن، وآثاره في الأرض، ومصاعد عمله، ومهابط رزقه في السماء تمثيل، ونفى ذلك عنهم في قوله تعالى:
فما بكت عليهم السماء والأرض فيه تهكم بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده: فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون، بل كانوا بهلاكهم مسرورين، يعني: فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض،
وما كانوا منظرين لما جاء وقت هلاكهم لم ينظروا إلى وقت آخر، ولم يمهلوا إلى الآخرة، بل عجل لهم في الدنيا.