قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين
البدع، بمعنى: البديع، كالخف بمعنى الخفيف. وقرئ: (بدعا) بفتح الدال، أي: ذا بدع ويجوز أن يكون صفة على فعل، كقولهم: دين قيم، ولحم زيم. كانوا يقترحون عليه الآيات ويسألونه عما لم يوح به إليه من الغيوب. فقيل له:
قل ما كنت بدعا من الرسل فآتيكم بكل ما تقترحونه، وأخبركم بكل ما تسألون عنه من المغيبات; فإن الرسل لم يكونوا يأتون إلا بما آتاهم من آياته، ولا يخبرون إلا بما أوحى إليهم. ولقد أجاب
موسى صلوات الله عليه عن قول
فرعون: فما بال القرون الأولى ؟ بقوله:
علمها عند ربي [طه: 52]
وما أدري ; لأنه لا علم لي بالغيب ما يفعل الله بي وبكم فيما يستقبل من الزمان من أفعاله، ويقدر لي ولكم من قضاياه
إن أتبع إلا ما يوحى إلي وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: وما أدري ما يصير إليه أمري وأمركم في الدنيا، ومن الغالب منا والمغلوب. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي :
[ ص: 495 ] قال له أصحابه -وقد ضجروا من أذى المشركين-: حتى متى نكون على هذا؟ فقال: ( ما أدري ما يفعل بي ولا بكم ) أأترك بمكة أم أومر بالخروج إلى أرض قد رفعت لي ورأيتها -يعني في منامه- ذات نخيل وشجر؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة، وقال: هي منسوخة بقوله:
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر [الفتح: 2] ويجوز أن يكون نفيا للدراية المفصلة. وقرئ: (ما يفعل) بفتح الياء، أي: يفعل الله عز وجل. فإن قلت: إن (يفعل) مثبت غير منفي، فكان وجه الكلام: ما يفعل بي وبكم. قلت: أجل، ولكن النفى في ( ما أدري ) لما كان مشتملا عليه لتناوله "ما" وما في حيزه: صح ذلك وحسن. ألا ترى إلى قوله:
أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر [الأحقاف: 33] كيف دخلت الياء في حيز أن وذلك لتناول النفى أي أنها مع ما في حيزها. و "ما" في "ما يفعل" يجوز أن تكون موصولة منصوبة، وأن تكون استفهامية مرفوعة. وقرئ: (يوحي) أي الله عز وجل.