فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم
عسيت وعسيتم: لغة أهل
الحجاز. وأما
بنو تميم فيقولون: عسى أن تفعل، وعسى أن تفعلوا، ولا يلحقون الضمائر، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع بكسر السين وهو غريب، وقد نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات; ليكون أبلغ في التوكيد. فإن قلت: ما معنى: ( فهل عسيتم .... إن تفسدوا في الأرض ) ؟ قلت: معناه: هل يتوقع منكم الإفساد؟ فإن قلت: فكيف يصح هذا في كلام الله عز وعلا وهو عالم بما كان وبما يكون؟ قلت: معناه إنكم -لما عهد منكم- أحقاء بأن يقول لكم كل من ذاقكم وعرف تمريضكم ورخاوة عقدكم في الإيمان: يا هؤلاء، ما ترون؟ هل يتوقع منكم إن توليتم أمور الناس وتأمرتم عليهم لما تبين منكم من الشواهد ولاح من المخايل
أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم تناحرا على الملك وتهالكا على الدنيا؟ وقيل: إن أعرضتم وتوليتم عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض: بالتغاور والتناهب، وقطع الأرحام: بمقاتلة بعض الأقارب بعضا ووأد البنات؟ وقرئ: (وليتم).
[ ص: 526 ] وفى قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (تولتم) أي: إن تولاكم ولاة غشمة خرجتم معهم ومشيتم تحت لوائهم وأفسدتم بإفسادهم؟ وقرئ: (وتقطعوا) (وتقطعوا) من التقطيع والتقطع "أولئك" إشارة إلى المذكورين
لعنهم الله لإفسادهم وقطعهم الأرحام، فمنعهم ألطافه وخذلهم، حتى صموا عن استماع الموعظة، وعموا عن إبصار طريق الهدى. ويجوز أن يريد بالذين آمنوا: المؤمنين الخلص الثابتين، وأنهم يتسوفون إلى الوحي إذا أبطأ عليهم، فإذا أنزلت سورة في معنى الجهاد: رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها.