صفحة جزء
أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم

"أضغانهم" أحقادهم وإخراجها: إبرازها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين. وإظهارهم على نفاقهم وعداوتهم لهم، وكانت صدورهم تغلي حنقا عليهم "لأريناكهم" لعرفناكهم ودللناك عليهم. حتى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك "بسيماهم" بعلامتهم: وهو أن يسمعهم الله تعالى بعلامة يعلمون بها. وعن أنس رضي الله عنه: ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين: كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس، فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب: هذا منافق. فإن قلت: أي فرق بين اللامين في "فلعرفتهم" [ ص: 528 ] و "لتعرفنهم"؟ قلت: الأولى هي الداخلة في جواب (لو) كالتي في "لأريناكهم" كررت في المعطوف، وأما اللام في "ولتعرفنهم" فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف في لحن القول في نحوه وأسلوبه. وعن ابن عباس : هو قولهم: ما لنا إن أطعنا من الثواب؟ ولا يقولون: ما علينا إن عصينا من العقاب. وقيل: اللحن: أن تلحن بكلامك، أي: تميله إلى نحو من الأنحاء ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية. قال [من الكامل]:


ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا واللحن يعرفه ذوو الألباب



وقيل للمخطئ: لاحن; لأنه يعدل بالكلام عن الصواب.

التالي السابق


الخدمات العلمية