ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد
الوسوسة: الصوت الخفي. ومنها: وسواس الحلي. ووسوسة النفس: ما يخطر ببال الإنسان ويهجس في ضميره من حديث النفس. والباء مثلها في قولك: صوت بكذا وهمس به. ويجوز أن تكون للتعدية والضمير للإنسان، أي: ما تجعله موسوسا، وما مصدرية; لأنهم يقولون: حدث نفسه بكذا، كما يقولون: حدثته به نفسه. قال [من الرمل]:
واكذب النفس إذا حدثتها
ونحن أقرب إليه مجاز، والمراد: قرب علمه منه، وأنه يتعلق بمعلومه منه ومن أحواله تعلقا لا يخفى عليه شيء من خفياته، فكأن ذاته قريبة منه، كما يقال: الله في كل مكان، وقد جل عن الأمكنة. وحبل الوريد: مثل في فرط القرب، كقولهم: هو مني مقعد القابلة ومعقد الإزار. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة [من الرجز]:
[ ص: 596 ] والموت أدنى لي من الوريد
والحبل: العرق، شبه بواحد الحبال، ألا ترى إلى قوله [من الرجز]:
كأن وريديه رشاآ خلب
والوريدان: عرقان مكتنفان لصفحتي العنق في مقدمهما متصلان بالوتين، يردان من الرأس إليه. وقيل: سمي وريدا لأن الروح ترده. فإن قلت: ما وجه إضافة الحبل إلى الوريد، والشيء لا يضاف إلى نفسه؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن تكون الإضافة للبيان، كقولهم: بعير سانية. والثاني: أن يراد حبل العاتق فيضاف إلى الوريد، كما يضاف إلى العاتق لاجتماعهما في عضو واحد، كما لو قيل: حبل العلياء مثلا.