إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين في جنات ونعيم في آية جنات وأي نعيم، بمعنى الكمال في الصفة، أو في جنات ونعيم مخصوصة بالمتقين خلقت لهم خاصة. وقرئ: (فاكهين) (فكهين) و (فاكهون): من نصبه حالا جعل الظرف مستقرا، ومن رفعه خبرا جعل الظرف لغوا، أي: متلذذين
بما آتاهم ربهم . فإن قلت: علام عطف قوله
ووقاهم ربهم ؟ قلت: على قوله:
في جنات أو على
آتاهم ربهم على أن تجعل ما مصدرية، والمعنى: فاكهين بإيتائهم ربهم ووقايتهم عذاب الجحيم. ويجوز أن تكون الواو للحال وقد بعدها مضمرة. يقال لهم:
كلوا واشربوا أكلا وشربا "هنيئا" أو طعاما وشرابا هنيئا، وهو الذي لا تنغيص فيه. ويجوز أن يكون مثله في قوله [من الطويل]:
هنيئا مريئا غير داء مخامر لعزة من أعراضنا ما استحلت
[ ص: 626 ] أعني: صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل مرتفعا به ما استحلت كما يرتفع بالفعل، كأنه قيل: هناء عزة المستحل من أعراضنا، وكذلك معنى "هنيئا" هاهنا: هناءكم الأكل والشرب، أو هناءكم ما كنتم تعملون، أي: جزاء ما كنتم تعملون. والباء مزيدة كما في
كفى بالله [الرعد: 43]والباء متعلقة بكلوا واشربوا إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب. وقرئ: (بعيس عين).