أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير من في السماء فيه وجهان: أحدهما من ملكوته في السماء; لأنها مسكن ملائكته وثم عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ، ومنها تنزل قضاياه وكتبه وأوامره ونواهيه. والثاني: أنهم كانوا يعتقدون التشبيه، وأنه في السماء، وأن الرحمة والعذاب ينزلان منه، وكانوا يدعونه من جهتها، فقيل لهم على حسب اعتقادهم: أأمنتم من تزعمون أنه في السماء، وهو متعال عن المكان أن يعذبكم بخسف أو بحاصب، كما تقول لبعض المشبهة: أما تخاف من فوق العرش أن يعاقبك بما تفعل؟ إذا رأيته يركب بعض المعاصي.
"فستعلمون" قرئ: بالتاء والياء
كيف نذير أي: إذا رأيتم المنذر به علمتم كيف إنذاري حين لا ينفعكم العلم "صافات" باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها; لأنهن إذا بسطنها صففن قوادمها صفا "ويقبضن" ويضممنها إذا ضربن بها جنوبهن. فإن قلت: لم قيل: ويقبضن، ولم يقل: وقابضات؟ قلت: لأن الأصل في الطيران هو صف الأجنحة; لأن الطيران في الهواء كالسباحة في الماء، والأصل في السباحة مد الأطراف وبسطها. وأما القبض فطارئ على البسط للاستظهار به على التحرك، فجيء بما هو طارئ غير أصل بلفظ الفعل، على معنى أنهن صافات، ويكون منهن القبض تارة كما يكون من السابح
ما يمسكهن إلا الرحمن بقدرته وبما دبر لهن من القوادم والخوافي، وبنى الأجسام على شكل وخصائص قد
[ ص: 176 ] تأتى منها الجري في الجو
إنه بكل شيء بصير يعلم كيف يخلق وكيف يدبر العجائب.