كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد [ ص: 373 ] كلا ردع لهم عن ذلك وإنكار لفعلهم. ثم أتى بالوعيد وذكر تحسرهم على ما فرطوا فيه حين لا تنفع الحسرة; "ويومئذ" بدل من
إذا دكت الأرض وعامل النصب فيهما:
يتذكر دكا دكا دكا بعد دك. كقوله: حسبته بابا بابا، أي: كرر عليها الدك حتى عادت هباء منبثا. فإن قلت: ما معنى إسناد المجئ إلى الله، والحركة والانتقال إنما يجوزان على من كان في جهة؟ قلت: هو تمثيل لظهور آيات اقتداره وتبين آثار قهره وسلطانه: مثلت حاله في ذلك بحال الملك إذا حضر بنفسه ظهر بحضوره من آثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور عساكره كلها ووزرائه وخواصه عن بكرة أبيهم.
صفا صفا ينزل ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف محدقين بالجن والإنس.
وجيء يومئذ بجهنم كقوله:
ولا تزر وازرة وزر أخرى [الإسراء: 15]. وروي:
أنها لما نزلت تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه، فأخبروا nindex.php?page=showalam&ids=8عليا رضي الله عنه، فجاء فاحتضنه من خلفه وقبله بين عاتقيه; ثم قال: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم، ما الذي غيرك؟ فتلا عليه الآية. فقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي : كيف يجاء بها؟ قال: يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام، فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع. أي: يتذكر ما فرط فيه، أو يتعظ
وأنى له الذكرى ومن أين له منفعة الذكرى، لا بد من تقدير حذف المضاف، وإلا فبين: "يوم يتذكر"، وبين
وأنى له الذكرى تناف وتناقض
قدمت لحياتي هذه، وهي حياة الآخرة، أو وقت حياتي في الدنيا، كقولك: جئته لعشر ليال خلون من رجب; وهذا أبين دليل على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقا بقصدهم وإرادتهم، وأنهم لم يكونوا محجوبين عن الطاعات مجبرين على المعاصي، كمذهب أهل الأهواء والبدع، وإلا فما معنى التحسر؟ قرئ: بالفتح يعذب ويوثق، وهي قراءة رسول
[ ص: 374 ] الله صلى الله عليه وسلم. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو أنه رجع إليها في آخر عمره. والضمير للإنسان الموصوف. وقيل: هو
أبي بن خلف أي: لا يعذب أحد مثل عذابه، ولا يوثق بالسلاسل والأغلال مثل وثاقه; لتناهيه في كفره وعناده، أو لا يحمل عذاب الإنسان أحد، كقوله:
ولا تزر وازرة وزر أخرى [الإسراء:15] وقرئ بالكسر، والضمير لله تعالى، أي: لا يتولى عذاب الله أحد; لأن الأمر لله وحده في ذلك اليوم. أو للإنسان، أي: لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه.