وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم [ ص: 267 ] أصل "آل": أهل، ولذلك يصغر بأهيل، فأبدلت هاؤه ألفا، وخص استعماله بأولي الخطر والشأن كالملوك وأشباههم، فلا يقال: آل الإسكاف والحجام، و"فرعون": علم لمن ملك العمالقة،
كقيصر لملك
الروم، وكسرى لملك
الفرس، ولعتو
الفراعنة اشتقوا: تفرعن فلان إذا عتا وتجبر، وفي ملح بعضهم [من الكامل]:
قد جاءه الموسى الكلوم فزاد في أقصى تفرعنه وفرط عرامه
وقرئ: (أنجيناكم) و(نجيتكم).
"يسومونكم" من سامه خسفا إذا أولاه ظلما، قال
عمرو بن كلثوم [من الوافر]:
إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن يقر الخسف فينا
وأصله من سام السلعة إذا طلبها، كأنه بمعنى يبغونكم
سوء العذاب : ويريدونكم عليه، والسوء: مصدر السيئ، يقال: أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل، يراد قبحهما، ومعنى
سوء العذاب - والعذاب كله سيئ -: أشده وأفظعه، كأنه قبحه بالإضافة إلى سائره، و"يذبحون": بيان لقوله: "يسومونكم" ولذلك ترك العاطف كقوله تعالى:
يضاهئون قول الذين كفروا [التوبة: 30] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : (يذبحون) بالتخفيف، كقولك: قطعت الثياب وقطعتها، وقرأ
عبد الله : (يقتلون)، وإنما فعلوا بهم ذلك; لأن الكهنة أنذروا
فرعون بأنه يولد مولود يكون على يده هلاكه، كما أنذر
نمروذ، فلم يغن عنهما اجتهادهما في التحفظ، وكان ما شاء الله، والبلاء المحنة إن أشير بذلكم إلى صنيع
فرعون، والنعمة إن أشير به إلى الإنجاء.