ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ومنهم أميون : لا يحسنون الكتب فيطالعوا التوراة ويتحققوا ما فيها،
لا يعلمون الكتاب : التوراة
إلا أماني : إلا ما هم عليه من أمانيهم، وأن الله يعفو عنهم ويرحمهم ولا يؤاخذهم بخطاياهم، وأن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم، وما تمنيهم أحبارهم من أن النار لا تمسهم إلا أياما معدودة، وقيل: إلا أكاذيب مختلفة سمعوها من علمائهم فتقبلوها على التقليد، قال أعرابي
لابن دأب في شيء حدث به: أهذا شيء رويته، أم تمنيته، أم اختلقته، وقيل: إلا ما يقرءون، من قوله [من الطويل]:
تمنى كتاب الله أول ليلة
والاشتقاق من منى إذا قدر; لأن المتمني يقدر في نفسه ويحزر ما يتمناه، وكذلك المختلق والقارئ يقدر أن كلمة كذا بعد كذا، وإلا أماني: من الاستثناء المنقطع، وقرئ: (أماني)، بالتخفيف، ذكر العلماء الذين عاندوا بالتحريف مع العلم والاستيقان، ثم العوام الذين قلدوهم، ونبه على أنهم في الضلال سواء; لأن العالم عليه أن يعمل بعلمه،
[ ص: 289 ] وعلى العامي أن لا يرضى بالتقليد والظن وهو متمكن من العلم،
يكتبون الكتاب : المحرف،
بأيديهم : تأكيد، وهو من مجاز التأكيد، كما تقول لمن ينكر معرفة ما كتبه: يا هذا، كتبته بيمينك هذه،
مما يكسبون : من الرشا.