وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون يخوضون في آياتنا : في الاستهزاء بها ، والطعن فيها ، وكانت قريش في أنديتهم يفعلون ذلك
فأعرض عنهم فلا تجالسهم ، وقم عنهم
حتى يخوضوا في حديث غيره : فلا بأس أن تجالسهم حينئذ
وإما ينسينك الشيطان : وإن شغلك بوسوسته حتى تنسى النهي عن مجالستهم
فلا تقعد : معهم
بعد الذكرى : بعد أن تذكر النهي .
وقرئ : " ينسينك " بالتشديد ، ويجوز أن يراد : وإن كان الشيطان ينسينك قبل النهي ، قبح مجالسة المستهزئين ; لأنها مما تنكره العقول
فلا تقعد بعد الذكرى :
[ ص: 360 ] بعد أن ذكرناك قبحها ، ونبهناك عليه معهم
وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ، وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء مما يحاسبون عليه من ذنوبهم
ولكن : عليهم أن يذكروهم
ذكرى : إذا سمعوهم يخوضون ، بالقيام عنهم ، وإظهار الكراهة لهم ، وموعظتهم
لعلهم يتقون : لعلهم يجتنبون الخوض ; حياء أو كراهة لمساءتهم .
ويجوز أن يكون الضمير للذين يتقون ، أي : يذكرونهم إرادة أن يثبتوا على تقواهم ويزدادوها ، وروي أن المسلمين قالوا : لئن كنا نقوم كلما استهزءوا بالقرآن ، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام ، وأن نطوف ; فرخص لهم .
فإن قلت : ما محل : " ذكرى"؟
قلت : يجوز أن يكون نصبا على : " ولكن يذكرونهم ذكرى" ، أي : تذكيرا ، ورفعا على : " ولكن عليهم ذكرى" ، ولا يجوز أن يكون عطفا على محل : " من شيء" ; كقولك : ما في الدار من أحد ، ولكن زيد ; لأن قوله : " من حسابهم " يأبى ذلك .